مُنْــذُ ثَلاثِيــنَ عَامًا وَتِلْكَ الفَتَاةُ ذآتُ المِعْطَــفِ الأحْمَرِ المُهْتَرئ والقُبَعَةِ القُطْنِيَّةِ البَيْضَاءَ المُمَزَقَة وَحِذَائها الأحْمَرِ
القَاتِمِ تَقِفُ فِي حَدِيــقَة فِي مَكَانٍ مُعَيَّــنْ تَحْمِلُ بِيَدِهَآ بَآقَة وَرْدٍ كُلَّ يَوْمْ مِنَ السَاعَـةِ الثَالِثَةِ ظُهْرًا حَتـــى السَادِسَة
مِمَا يثِيــُر التَساؤلْ ..
لِمَ تَأتِي هَذِهِ الفَتَاةُ وَمَا قِصَتُهَا وِلِمَاذَا تَرِتَدِي المَلابِسَ ذَاتَها كُلَّ يَومْ ؟
هَذِهِ الفَتَاةُ قِمَّةٌ في الذَكَاء تَقدَمَ لِخِطبَتِها الكَثيرُ مِنَ الرجَال ، حَتى جَاءَ ذَلكَ الفَتَى العَابِث يَدَّعي تَخَرُّجَهُ من فَرَنسَا
ومَا هُوَ فِي الأصْلِ إلا خَادِمٌ لِعَائِلَةٍ فَرَنسِيَّة طُرِدَ بَعدَ سَرِقَتِهِ لِبَعضِ حَاجِيَاتِهم ، أثَارَ إعجَابَها فَرَضِيَتْ به ،
أقَامَت عَائِلَتُها حَفْلَة خُطُوبَةٍ بَسيطَة عَلى أمَلِ عَقْدِ قِرَانِهِما بَعْدَ عَودَةِ أبَوَي الشَاب مِنْ عَمَلِهِمَا فِي فرنْسَا كَمَا
زَعِم.
صَارَت كَلِمَاتُهُ الفَرنسِيَةُ تُذهِلُها .. تَعَلقَت به وبِشِدَّة ، أصرتْ عليهِ بالزَوَاج فَحَدَدَ لها هذِهِ الحَديقة قَبلَ ذَهَابِهِما
للمَحكَمة .. انتَظَرتْهُ الفَتاةُ في المَوعِدِ المُتَفَقِ عليهِ مِنَ الثَالِثَة عَصرًا إلى السَداسَة مُرتَديَةً مِعطَفَها وحذَاءها
الحَمرَاوان الأحمَرَ وقُبَعَتها البقُطنية .. هَذِهِ الثِيَابُ كَانت حَصيلَةَ جُهدِها فِي الخِيَاطَة خِلالَ فَترَةِ الخُطوبَة
السَاعَةُ الثَالثَة : سيَتأخَرُ قليلًا لكِنَّهُ سيَأتِي ..
السَاعَةُ الرَابِعَة : لا بُدَّ وأنَّ شيئًا مَا أشغَلهُ لكنْ سيأتِي
الخَامسَة : بدأَ القَلَقُ يتَسلل
السَدِسَة : ذَهَبتْ لِشقَتِه لتَسأل عنه لتُخبرهَا العَجُوزُ صاحِبَةُ الشقَة أنه هَرَبَ ولَمْ يَدفَع أجَارهَا .. أجَابتْ بدَاخِلِها
لا بُدَّ وأنَّه عَانَى مِنَ المَشَاكِل في سَكَنِهُ ويَتَطَلع لِأفضَلَ منه
ظَلَّت هَذِهِ الفَتَاة لثلاثينَ عَامًا تَقفُ بلِبَاسِها في المَكانِ ذاتِهِ تنتَظرُ عودَتَه لَمْ تُسئ الظَنَّ بهِ يومًا فيَا لَهُ مِنْ عِشق!
مَاأعجَبَني فِي هَذهِ القِصَةِ أنَّ لَها جَانبين ..
جَانِبٌ مضئ وهُوَ إقتِرَانُ الحُبِّ بالوَفَاء بَات عَلى مَشَارفِ الهلاكْ فَهَنيئًا لمَنْ حَمِلَ الصِفَتين
جَانِبٌ مُظلِم : مَاأتعَسَ الحبَّ عِندَما يكونُ مِنْ طَرَفٍ واحِدٍ ولِمَن لا يَستَحِق .
القِصَةُ لَخَصتُها بِأسلوبِي
موجودَةٌ في كِتَاب / يوميات طَبيب نَفساني
للدكتُور حسين هاشمي