الحياة ثقيلة علينا.. ثقيلة لدرجة أن نندم في نفس اللحظة على ردة فعل
بالأمس غضبت في الصف، من طلاب في الصف لأنهم لا يكتبون معنا أثناء الدرس
وكتبت ملاحظة في كراساتهم:
"الطالب يلعب ولا يكتب مع المعلمة أثناء الدرس - ٣ / ١١ / ٢٠٢٢م"
لم يعجبهم ذلك بالطبع ولكن هناك طالب كانت ردة فعله مختلفة
حاول أن يشرح لي أنه لم يكن يلعب وإنما زميله شغله بشيء ما
ولكنه بكى قبل أن أفهم ماذا يريد أن يقول بالضبط..
أعادني ذلك إلى سنوات عديدة للخلف
سنة ٢٠٠٤ أو ٢٠٠٥ تقريبا
حينا كنت طالبة في المرحلة الاعدادية..
لطالما كنت طالبة هادئة ومؤدبة
ولكني في تلك السنة رافقت فتيات لديهم بعض الأطباع الشقية
وفي حصة العلوم قمن بتكوير الأوراق ورميها في الزبالة أثناء شرح المعلمة (مثل كرة السلة يعني)
وقمت بتقليد فعلتهن..
ولسوء حظي.. لم أصب الهدف بل أصبت المعلمة
غضبت المعلمة وعاقبتني بالوقوف في الوراء لما تبقى من الحصة
والتي أكملتها باكية، وانتظرت خروج المعلمة ولحقتها واعتذرت منها بصدق بأني لم أكن أقصد هذه الفعلة وأني آسفة جدًا..
أخبرت طلابي بهذه القصة لكي أشرح لهم بأني أفهم سيد عباس وبكاؤه
لأنه يحبني، ولأنه لم يقصد الخطأ، ولأنه ندم في نفس اللحظة بأني غضبت منه..
*خلنا نطلع من مود الدراما شوي*
- علي نجيب "طالب ما عنده أخوات بنات":
أنتين في ثاني اعدادي مفروض ما تصيحين!
- علي محمد "عنده أخوات اكبر منه" نهض مباشرة وقال:
امبلى البنات يصيحوون
*نرجع للدراما*
بقي سيد عباس هادئا ساكنا في الحصة التي تلت تلك الحصة
أنجز ما طلبته منه بهدوء
في الحصة الأخيرة دخلت معلمة العلوم وكرمته لحصوله على علامة كاملة في الاختبار
بدا مبتسمًا في الصورة ابتسامة متصنعة
ناديته قبل عودتهم للمنزل وأخبرته بأني سامحته لأن اعتذر
وكتبت ملاحظة أخرى بجانب الملاحظة الأولى "اعتذر وسامحناه =)"
ابتسم أخيرًا بصدق وقال: شكرًا
*****
تعتقدون القصة خلصت؟
لا غلطانين
بعد العودة للمنزل راسلني سيد عباس في التيمز مرة أخرى
بقي عالقا في عقلي وقلبي ..
لم أستطع نسيان صورته الحزينة
لم أتمكن من مسحها من عيناي..
تواصلت مع أمه مرة أخرى لأطمئن بأنه عاد لحالته الطبيعية
وأخبرتني بأنه بالفعل عاد للمنزل حزينًا وأخبرها بأنه يستحق أكبر عقوبة
وأن والده حين رأي الكتاب وناداه خاف بشدة ولكنها أوقفته وشرحت له أن المعلمة سامحته
****
تخيل.. كل ما حصل بسبب عبارة بسيطة كتبت في لحظة غضب
تخيل كم أثرت في حياة شخص ما..
ترى.. هل فكرت تلك المعلمة مثلما فكرت أنا الآن؟
وهل تعلم بأني لا زلت أتذكر ذلك وأني لا زلت نادمة؟
وهل تمكنت من مسامحتي بالفعل؟
# معلمة في مهب الريح