اللغة العربية مليئة بالتوهج
تخصص لطالما سحرني ، ومادة كانت استثناءا جميلا في ايام المدارس على اختلاف مراحلها
هو التخصص الوحيد مع التاريخ الذي اظن انني لو دخلته فلن اندم ، لأنه يعبر عني.
وكان لي من كل فترة الجامعة مادة لغة عربية واحد ، عرب 101 اخذتها في الصخير في صيفي مملوء بحرارة الشمس التي تلفح وجوه الذاهبين والعائدين من الجامعة الشاسعة التي تبدو مقفرة في فترة الصيفي
ورغم ذلك فلست انسى ذلك الصيفي ابدا ، اتوقع اني اخذت كلكولاس 2 مع العربي في هذا الصيفي ، او مادة اخرى لست متأكدا ، لك ان ترى ان اغلب موادي هكذا ، ارقام وحسابات او تفاصيل مادية لا تحفر في وجداني المليء بالأدب والمعنى،
لم اكن حينها اميز بين ما احبه ولا احبه ، كنت انذاك في تحدي مع كل ما يواجهني كأنني ما زلت في الثانوية ، اريد اجتياز واتقان كل ما يأتي الي ،وقد نجحت في ذلك ، نعم ، كنت مجتهدا في الرياضيات والهندسة والرسم والحفظ وكل شيء ، ولكن هناك مواد معدودة اشعرتني بالتألق ، بأنني في حضرة هذه المواد استمتع حقا ، اجد نفسي ، اشارك دون كلفة, افهم دون عناء دراسة ، كانت هي مواد مثل التاريخ .. والدين .. والعربي
العربي كان عشقا حقيقيا ، كان الدكتور هو منذر عياشي ، وفي ذلك الوقت كان هناك مأخذ عليه من الناحية السياسية ، ورغم هذه المشاكل كان حضور ذلك الصف اشبه بالعروج في افاق معنوية عذبة ، وكنت اهيم بهذا الفصل واعتبره مكانا راقيا ، وانظر الى طلبته نظرة احترام لأنهم يشاركوني هذه التجربة ، واتعشق الدروس والمنهج والمراجعة ، ولم يخطر ببالي للحظة أن اغير التخصص.
اتذكر الدروس ، اتذكر ان الدكتور هاجم نظامه السوري اكثر من مرة ، اخبر مرة انهم لا يسمحون بالصلاة في الاماكن الرسمية ، وقال عن دعبل الخزاعي انه كان متشائم ، وقال امورا اخرى ، ورغم ذلك كان مجرد شرحه للدروس وعرضه لها مسرحا من الجمال بالنسبة لي ، فكيف لو درسني د عيسى او مدرسين اخرين ، وحصة الصيفي كانت ساعتين ونصف ربما احضرها دون كلل ، واعيش هذه المادة التي اتضح لاحقا اني احبها.
في صف اللغة العربية لاحظت كيف اني شغوف بينما الاخرون ليسوا شغوفين بقدري ، كنت اخرج فامدح واحب الحديث عن المادة بينما اغلب الزملاء يتحدثون بتذمر واضح عن المادة ويحبون ان يهربوا منها باصرار ، خبرت نفس الشيء في تخصصي حين كان هناك نجوم لامعين في الصف مبدعين ومحبين للتخصص ، تجدهم دائما حاضرين ويفهمون كل شيء ويتواصلون مع الدكتور بسلاسة ويبدعون ويحصلون على التقدير ولا يشعرون بالتعب الشديد لأنهم ببساطة يقومون بشيء يحبونه ، بينما انا كنت اغالب نفسي على اللحوق بالدرب وفهم المطالب ومحاكاة الابداع في الرسم والهندسة ، وللامانة كنت مبدعا حقا ، ولكن توهني تعدد المواهب هذا ، تهت لأني ابرع في اكثر من حقل وقادر على ان انجح في اي مجال، دون ان اميز بين الفرق الدقيق بين ما انجح فيه وبين ما احبه.
ورغم ذلك ، الحمدلله على كل شيء ، لو ذهبت من البداية الى تخصص العربي لربما كرهته في النهاية لأهون سبب ، ربما حين ادرس اجيالا ما وتحدث لي مواقف سيئة في الفصل فأكره التدريس واكره التخصص برمته ، من يدري، لم اكن من الA students ، حتى في اللغة العربية ، ذلك ان نظامي الداخلي دائما لا يتقيد بما يقوله الاستاذ بل يحاول ان يبدع شيئا في خيالي ، او يعبر او يحل الامتحان بطريقة غير النموذجية ، انا اعرف اني مبدع اكثر من كوني ملتزم بالمناهج والنظم التعليمية، وربما لو اصطدمت باساتذة الاداب كثيرا وخضعت لتقييمات ونظام مجحف لكنت كرهت الادب .
من شغف حبي للعربية والتاريخ والآداب بنيت جامعة طوال السنين الماضية ، قرأت وعرضت عشرات المواضيع الادبية والتاريخية معجونة بحنيني الى شيء لم يكن ، هذا الحنين والاهتمام اسعفني واعانني في وقت ليس لدي شيء غيره استند عليه
مع التحية