موقع طلبة جامعة البحرين

يمكنك تصفح الموقع كزائر ولكن ندعوك لتسجيل عضوية خاصة بك لتحصل على كافة الصلاحيات مثل تنزيل ملفات المكتبة وقراءة تعليقات هيئة التدريس وغيرها. يمكنك الحصول على عضوية مجانية بالضغط على زر تسجيل. إذا قمت بالتسجيل مسبقا فيمكنك الضغط على زر دخول.

تسجيل دخول

القفزة الأولى

تاريخ التسجيل
1 نوفمبر 2021
المشاركات
18
المجموعة
ذكر
الدفعة الدراسية
2021
الكلية
كلية الآداب
التخصص
أدب انجليزي
أقف هنا على مشارف الأبدية لأطلع على حقيقة هذه الحياة، يشتعل قبسٌ من الحقيقة في رأسي، بينما تزهر براعم الأمل في صدري. ليست الحياة ذلك التجرد من الأبعاد المحبوس في قفص المادة الكئيبة البائسة، و أنا لم أعد أحد تخرصات المادة في تحوراتها الغير متناهية. أنا ابن الطين الممتليء بالضياء، أنا المتمرد على حدي المادي الخارج من حفرة الطين لتوي أنظر للحياة بعين جديدة أبحث عن أبعاد جديدة لها، ألوان شتى أراها في هذا العالم، فمالذي مازج بينها ليكون الصورة التي أراها الآن.

يستيقظ الضياء في الصباح، فتتسلل أشعة النور من خلال خيوط القماش الرقيق للستارة، يخطو على جسدي المغطى بغلالة خفيفة حتى يصل لوجهي، يتعابث قليلا على خدي قبل أن يقفز منه إلى الجفون التي ختم عليها النوم لتبدأ رقصة الحياة عليها. ملايين الذرات من النور تتراقص على جفنيَّ المقفلين بإيقاع ثابت حتى يبدأ رمشيَّ بالإرتعاش، و من ثم تنفتح نافذتي الروح على هذا العالم.

لا يوجد أجمل من منظر الصباح و هو يخطو خطواته الأولى على هذا العالم، يشتعل خط الأفق بتدرجات اللون الأحمر بينما يعلوها خط رقيق اخر أصفر اللون من غير أن يتمازج معها، ثم ببطىء شديد تبدو كما لو أن كرة من النار تنبثق من وسطها لتبددها و تنشر صباحها محملا بالضياء عل السطح و في السماء، مشهد لا يقل عن المعجزة في فخامته، غير أن تكراره الدائم كل يوم، و من ثم كل هذه المباني و الإنشاءات التي أحضرتها المدنية شكلت حاجزا قويا، فلم يعد بإمكان الإنسان أن يشاهد شروق الشمس و إن شاهده فبعيون باهتة معتادة، و كأنها تنظر إلى حركة آلية ميكانيكية لا غرابة فيها و لا إعجاز، بل إنه قد لا ترى عين الإنسان في حالات كثيرة جمال الشروق فللتعود و التوقع حكمهما الذي لا تمتلك الروح مناصا عن الإنصياع إليه.
 
من أين يأتي الصباح و الضياء و النور؟ من نفس الحركة الدؤوب التي تأتي بالليل و الظلام، حركة الأرض التي لا تتوقف حول نفسها تضمن لنا صباحا مضيئا كما تضمن لنا ليلا ساكنا يتخلله النور من مصباح نوم جميل معلق في السماء يسمى القمر، حركة ميكانيكية، تضمنها الجاذبية الأرضية، و هي سمة الأجرام صغيرة كانت أو كبيرة.

كيف تتقلب لدينا الفصول الأربعة، و تختلف درجات الحرارة في نفس الوقت التي لا تطغى فيه هذه الدرجات فتقضي على صور الحياة، بل على العكس تماما، ان في تقلباتها تضمن استمرار الحياة دون إرهاق للأرض و لا للكائنات التي تحتضنها؟ من دوران الأرض حول الشمس، تساهم في ذلك جاذبية الشمس و القوة الطردية لدوران الأرض حول الشمس، و التي استمرت لملايين و لربما لمليارات السنين.

سنن كونية دقيقة، بتفاصيل مذهلة تضمن بقاء الحياة على هذه الأرض، و التي تضمنها القوانين الفيزيائية للمادة و حركتها تفاصيل دقيقة مجتمعة لحتى انه لو اختلفت كتلة كوكب واحد من الكواكب السيارة لاختل النظام و لتحولت هذه الأجرام السيارة لقذائف في وجه بعضها البعض

- من أين جاء هذا النظام؟

- من المادة الصماء، ملايين، مليارات، بل ما لا نهائية من السنين و تلاقي الصدف أتت بهاذا النظام الدقيق الذي ترونه الآن.

- لكن الدقة في هذا النظام لا يمكن أن تحدث من تلاقي الصدف، فالصدفة في حد ذاتها هي نوع من الفوضى.

- نعم، هي ما يسمى بالفوضى الخلاقة.

الفوضى لا تنتج نظاما، مهما تمنينا أن يحدث ذلك، لربما تصنع جمالا في صورة من الصور، لكنها لا تخلق نظاما مهما أردنا أن نسميها بالفوضى الخلاقة، فالفوضى قائمة على كسر النظام، فما بالك بنظام بتلك الدقة ما زال يجري منذ ملايين السنين، ان تلك السنن الكونية مدروسة و مقصودة، لأن احتمالات كسرها في حالة الفوضى لا متناهية كما لا متناهية المادة التي ندعيها في تلك الحالة.

كيف لعقل عَقِلَ أن يرى نظاما كهذا النظام ثم يدعي أنه حدث صدفة؟ فلندع الدين و الديانات جانبا، ثم نتسائل، هل من الممكن أن تعمل الصدفة نظاما مثل هذا؟

أظن أن الإجابة أكثر من واضحة
 
التعديل الأخير:
أفتح عينيَّ فأبدأ بتسجيل انعكاس الضوء على الأشياء، تلتقطها حدقتا عيني الحساسة، و من ثم تقوم الأعصاب بنقلها مقلوبةً إلى الدماغ الذي يحللها و من ثم يقارنها بملايين الصور المخزنة في ذاكرته الجبارة. و في نفس الوقت يقوم بمعايرتها مع الأصوات التي تعالجها الأذن و تنقلها في نبضة كهربائية لنفس الدماغ، فيما يتحسس جسمي الفراش الوثير أسفله، ودفئ الغطاء الثقيل الذي أتدثر به فتظهر أمامي الصورة الكاملة. أنا أستيقظ صباحا الآن، أنظر لساعة المنبه بجانب رأسي و سواءاً كانت رقمية أو تقليدية ذات عقربين فسأدرك الوقت عن طريق عملية معقدة يسندني بها الدماغ، و مثل النظر و السمع فإن ذلك كله يحدث في جزء صغير جدا من الثانية لا تكاد تدركه في أغلب الحالات.

أرغب في النهوض، لا أحتاج لعملية جرد و اختيار للعضلات التي أحتاجها للقيام بهذه العملية، كل ما علي أن أفعله هو أن أشاء فيقوم دماغي بترتيب الأمر دون إدراك مني بكل العمليات المعقدة التي تحدث فيه، أسير، ثم أنحني، و أدخل الحمام، ثم أخرج ، و ءأكل و في كل فعل أستخدم نصف فكرة، فيما لكل فعل مجموعات مختلفة من العضلات قد لا أعلم بوجود أغلبها. أرفع الهاتف لأتحدث، و من ثم أدني مني الأوراق و القلم لأنخرط في الكتابة، لا أحتاج لتبديل التطبيقات في المشغل الرئيسي للقيام بمختلف العمليات، كل ما يحتاج له الأمر نصف فكرة فقط. هل ياترى لو تركنا جهاز هاتف نقال من تلك الفترة التي انتشرت فيها الهواتف النقالة ما قبل الطفرة الألكترونية للهواتف، و أوصلناه بقابس كهرباء لا تنفذ لملايين السنين، ما هو حجم التطور الذي سيصل له دون حاجة منه لدراسات و شركات و كادر علمي و مليارات تصرف لتطويره؟ يا لهذه المادة العظيمة القادرة على أكثر أشكال التطور ندرة.
 

عودة
أعلى أسفل