موقع طلبة جامعة البحرين

يمكنك تصفح الموقع كزائر ولكن ندعوك لتسجيل عضوية خاصة بك لتحصل على كافة الصلاحيات مثل تنزيل ملفات المكتبة وقراءة تعليقات هيئة التدريس وغيرها. يمكنك الحصول على عضوية مجانية بالضغط على زر تسجيل. إذا قمت بالتسجيل مسبقا فيمكنك الضغط على زر دخول.

تسجيل دخول

قراءة في كتاب: سدهارتا ( أو سيدارثا )

تاريخ التسجيل
1 نوفمبر 2021
المشاركات
18
المجموعة
ذكر
الدفعة الدراسية
2021
الكلية
كلية الآداب
التخصص
أدب انجليزي
فتح سيدارثا فمه و تباعدت شفتاه لينطق بكلمة واحدة لا غير، و سواء فهمنا معناها السطحي أو تغلغلت في نفوسنا فهذه الكلمة لا تختص بالبراهمي و لا السامان، و لا حتى بدين معين، فلربما لغتنا التي تختلف عن لغة سيدارثا تقف عاجزة عن بيان المعنى الحقيقي لها، إلا أن دواخلنا كلها هتفت معه بذات المقطع و كل منا يحمل تصور مختلف لكلمة ( أوم ).

إن العالم بكل وجوده يصرخ أوم، و لعل أقرب ما وجدت لنفس الفكرة في ديننا هو الآية القرآنية من سورة الإسراء ( تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِۦ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ )

إن العلاقة مع الله لا تتأتى من ترديد نصوص و تقبل اعتقادات، و لا يمكن الوصول لله عن طريق إعادة التقديس لتصورات و صور مزروعة عن طريق التعاليم التي تتلى تلاوة و ان كان لها فوائدها بحسب المتلقي او المعيد، إن العلاقة مع الله علاقة شخصية تأتي بالاتصال المباشر عن طريق الإحساس و الشعور بما يختبره القلب نتيجة الخبرة و التعرض المباشر بإحدى صور التعرض، و لا أتكلم هنا عن تجليات صوفية أو عرفانية، انما عن الإحساس المباشر بوجود الله بعيدا عن التلقين و تأكيد ما تم تلقينه، في هذا أتفق مع سيدارثا اتفاقا كليا.

شخصيا لا أحب كل صور التدروش مهما وضع لها من أسباب، الوصول لله لا يكون عن طريق ترك الدنيا، و انما بالخوض في غمراتها، خلق الله هذا اللحم لك فليكن طريقك له، لا بأن تقهره و تؤذيه، كما لا أرتاح لتعبيد الطرق لله بالقلب بعيدا عن العقل، فالعقل الباحث هو ما يميز الصحيح من الخاطيء، و إن كانت مرساة القلب ضرورية كضرورة العقل.

ان الانفصال عن الواقع هو صفة غالبة في أكثر الأعمال الصوفية، و في قصتنا تجد هذا الانفصال في كل مفصل من مفاصل الرواية، و ان كانت هي رواية رمزية، إلا أن تصور أن إنسانا يعيش في عالم مثل هذا لا يمكن، و مكان هذه القصة فوق الغيوم لا على الأرض.

ثم يأتي الفصل الأخير بما يمكن أن يعتبر نوعا من الاشتباه فقد خلط الكاتب كثيرا بين ما هو مطلق و ما هو نسبي، فالزمن بالنسبة للنسبي حقيقة و ان كان لا ينتمي إلى عالم الحقائق للمطلق، فالحياة ككل هو نهر سائر يكون فيه ( نهر الحياة ) في كل مكان و كل وقت، لكن الإنسان العالق في إحدى مفاصل النهر، يتعرض للزمن و المكان تعرضا جوهريا، فلا يمكن أن نعتبر المطلق جزءا متغلغلا في النسبي.

ان الفرق القائم بين شتى مراحل الرحلة هو فرق حقيقي بالنسبة للإنسان الذي يسير، و الذي هو واقف، فقط من ينظر للطريق من الأعلى و هو المطلق الذي لا تجري عليه الحوادث ( فالزمن ليس الا عملية الحركة و التغير من حال لحال لكل ما يدخل في عملية التحول و يتعرض لها و لو من بعيد ).

القصة كانت جيدة، و الرمزية فيها جيدة، لكن كأغلب القصص الصوفية و الروحانية يتم استخدام الكلمات و المعاني حيث يجب استخدام الأدلة و البراهين. و بالكلمات يمكن أن يصبح الحمار ملك الغابة، و الأسد هو الرعديد المختبيء في وجار ( و ليس عرين ).

أعجبتني القصة، و استمتعت بقراءتها، الا أنه وجب الفصل بين القصة الجميلة و بين الواقع و الحقيقة.
 
عودة
أعلى أسفل