(4)
26/1/2019
منذ افتتاح هذه المدوّنة وأنا أتساءل: ماذا لو نسيت موعدًا واحدًا؟ ماذا لو أنّني تأخّرت؟ ماذا لو حدث شيءٌ ما يمنعني عن الكتابة؟
لم أجب بوضوحٍ على نفسي. ربّما لأنّي في النّهاية سأتماشى مع ذاتي. قد أخترع عذرًا أو آخر، حلًّا أو آخر. المهمّ أنّه لن يحدث شيءٌ كبير.
هل سأتوقّف عن الموضوع بأكمله؟ هذا جائز، لكنّه ليس كبيرًا أيضًا. يمكنني توفير حجج أخرى إذا احتجت إلى الكتابة، مع أنّ الكتابة على سبيل الاحتياج تبدو وكأنّها... محكمة؟ - هل هذه هي الكلمة المناسبة؟ لا أظنّ -. على أيّة حال، ما أعرفه أنّ الرغبة ستختلف عن الحاجة. وتوجد أسبابٌ أخرى غيرهما للكتابة مثل اجتماعهما معًا، وأسباب أخرى لا تهمّني - على الأقلّ في الوقت الحاليّ -.
سمّيت 2019 بثلاثة أسماء متشابهة ومختلفة في المعنى: سنة التشافي. سنة التعافي. سنة النّقاهة الذّاتيّة. قبل يومٍ واحدٍ تقريبًا مثلًا، اتجهت للكتابة من أجل الاعتراف. وأشعر أنّ ذلك استهلكني بعض الشيء. كان الوقت متأخّرًا، وكتابة لن يقرؤها أحدٌ غيرك ربّما تكون أثقل من غيرها، أثقل من تلك التي [قد] تقرأ. فلنتخطّى هذه الفكرة، فلنقل وحسب أنّ كتابةً موجّهةً إليك شخصيًّا ليست بخفّة الموجّهة إلى سواك. لطالما كنت أظنّ أنّني أكتب لنفسي، ولا أشعر أنّ ذلك صحيح مع احتماليّة القراءة، ولو كانت 1%. حتّى رسالتي المطوّلة التي كتبتها إلى نفسي في المستقبل عندما أخرجت أسطرًا منها لم تكن كتابةً لنفسي وحدها.
أذكر أنّني عندما أخذت دورة اللّغة الإنجليزيّة، جرّبت أن أكتب ما يشبه القصيدة بالإنجليزيّة، على نهاية الفصل. وما أزال أشعر أنّها مجرّد أسطر مسجوعة بالإنجليزيّة! كانت تصف أشياء قمنا بدراستها في كلّ فصل (جبتر)، وأشياء أخرى سريعة مثل الانطباع الأوّل عن المعهد، وذكرت أسماء زميلاتي، وعن مشكلاتي في الإنجليزيّة. كنت سأضعها هنا لكنّني تحفّظت على هذه المحاولة. ورغمًا عن خجلي الشديد من أستاذي أعطيته إيّاها وأخبرته إذا كان من الممكن أن يطّلع على هذه الورقة، ولم أخبره بمحتواها، قلت بأنّي سأستلمها في الغدّ. على أيّة حال لم أستلمها إلى هذا اليوم؛ ببساطة لأنّي لم أسأله عنها، وهو لم يتكلّم أيضًا، وكان المتبقي من الفصل يومين فقط بحسب ما أذكر. ولو افترضت أنّها ثلاثة لا يوجد فرقٌ أيضًا.
على أيّة حال، عندما أرسلتها إلى زميلاتي ليقرأنها، أذكر ونحن نتحدّث سألت سؤالًا لم يكن بغرض الإجابة ولا بغرض الاستنكار: ما فائدة كتابةٍ لن تُقرأ؟
بعد حوالي ثلاثة أشهر أقول: لقد وجدت الإجابة.
بالمناسبة أيضًا: هذه ليست المرّة الأولى التي لا أسأل فيها عن شيءٍ يخصّني. يوجد حادثةٌ أخرى أذكرها لن أذكرها كان من المفترض بعدها أن أسأل فيها عن النتيجة، وبالطبع لم أفعل إلى هذا اليوم.
هذه المرّة نسيت أن أكتب توقيت بدء الكتابة. هذا السّطر ما أعنيه باختراع عذرٍ أو آخر، حلًّا أو آخر.
المهمّ أنّه لن يحدث شيءٌ كبير.
"إنّه لا يعطي لكي يتلقّى، العطاء هو في ذاته فرحٌ رفيع".
فنّ الحبّ، إيرك فروم.
10:06م.